سيادةُ وطن…كرامةُ مواطن
إيماناً منا بلبنانَ الرسالة، الدولةِ ذاتِ السيادةِ التامَّة، تداعينا كمواطنينَ أحرارٍ، من مختلفِ أطيافِ الشَّعبِ اللبناني، للإعرابِ عن ولائنا للوطنِ وحدَهُ، ولاستعدادِنا الدائم لصونِه والتضحيةِ في سبيلِ مجدِهِ وعزّتِه.
يتعرضُ الوطنُ اليومَ الى خطرٍ وجوديٍّ أوصلَنا إليه أداءٌ سياسيٌّ غيرُ مسؤول، وممارساتٌ أمعنت قوى الأمرِ الواقعِ في انتهاجِها. وهي تتحملُ جميعُها بالتكافلِ والتضامنِ مسؤوليةَ انحلالِ دولةِ القانونِ والمؤسسات. شوّهت تلك الممارساتُ وجهَ لبنانَ الحقيقي، كما شوَّهت أصولَ الممارسةِ السياسيَّةِ الحقَّة، وخرجت عن مقوماتِ النظامِ البرلماني والمبادئِ والقيمِ الديمقراطيَّة، وسعت إلى استبدالِها بنهجٍ يقومُ على التوارثِ السياسي، وتقاسمِ الحصصِ والمغانم، وتغليبِ المصالحِ الخارجيةِ والفئويةِ والشخصيةِ على المصلحةِ الوطنيَّةِ التي ينبغي أن تكونَ فوقَ كلِّ الاعتباراتِ الأخرى.
أدى الصراعُ على السلطةِ، الاستقواءُ بالخارجِ، إقامةُ كياناتٍ مسلحةٍ تعملُ خارجَ أطارِ شرعيةِ الدولة، الانخراطُ في صراعِ المحاورِ الإقليميةِ، بالإضافةِ الى سيطرةِ منظومةِ الفسادِ الطائفيِّ المتحكمةِ بلبنان، أدت جميعُها الى انهيارِ الاقتصادِ والنظامِ المصرفي، وانتشارِ البطالةِ، وتفشي الهدرِ والفسادِ، وغيابِ المساءلةِ والمحاسبةِ، وانحلالِ دولةِ القانونِ والمؤسسات، وأوصلتِ الدولةَ إلى تخبطٍ سياسيٍّ، وفسادٍ أخلاقيٍّ، وانهيارٍ اقتصاديٍّ، وإفلاسٍ ماليٍّ، ووضعته في حالةٍ من شبهِ العزلةِ العربيةِ والدولية.
لذلك عقدنا العزمَ، نحن المؤمنينَ بالثورة، على التغييرِ والإنقاذ. ونلتزمُ بالعملِ إلى جانبِ الشعبِ اللبنانيِّ المقيمِ والمغترب، لاستردادِ سيادةِ الدولةِ وهيبتِها، وكرامةِ المواطن، ومحاسبةِ المسؤولينَ عنِ انهيارِها، وصولاً إلى قيامِ دولةٍ عصريةٍ مدنيةٍ، دولةِ القانونِ والمؤسساتِ حيث يتساوى فيها المواطنون في الحقوقِ والواجبات، وذلك بكافةِ الوسائلِ السلميةِ والديمقراطيةِ المتاحة.
إن النهوضَ بالوطنِ واستردادَ سيادةِ الدولةِ وهيبتِها وكرامةِ المواطنِ على مساحةِ الوطن، ليس بمُستحيلٍ، وهو يتطلَّبُ من أيِّ سلطةٍ مسؤولةَ السعي لتحقيقِ ما يأتي:
- الاحتكامُ إلى الدستور، والالتزامُ بتطبيقِ كاملِ موادِّهِ، والسعيُ لتطويرِ النظامِ السياسيِّ القائم من خلالِ بعضِ التعديلاتِ الدستوريةِ التي تضمنُ استمراريةَ عملِ المؤسساتِ الدستوريةِ حرصاً على انتظامِ عملِها.
- صونُ المصالحِ الوطنيةِ، ووضعُ الاستراتيجيةِ الدفاعيةِ التي تضمنُ سيادةَ الدولةِ على كاملِ أراضيها، وحصريةُ قرارِ السلمِ والحربِ في يدِ الدولة، وحصرُ السِّلاحِ بتصرُّفِ قواها العسكريَّةِ والأمنيَّةِ الشرعيَّة، والقضاءُ على ظاهرةِ السلاحِ المتفلتِ والبؤرِ التي تقعُ خارجَ إطارِ السيطرةِ الأمنيةِ لشرعيةِ الدولة.
- إسرائيل عدوٌ للبنان وعلى الدولة اللبنانية تعزيز قدرات القوى النظامية المُسلحة لتمكينها من تحرير كامل الاراضي اللبنانية المحتلة ولردع الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، إضافة الى القيام بمساعٍ دبلوماسية عربية ودولية لحل القضايا المُتنازع عليها وفق المعاهدات والمواثيق الدولية.
- ترسيخُ استقلاليةِ القضاء، وتمكينُه منَ القيامِ بدورِه وواجباتِه بموضوعيةٍ وتجرد وبعيداً عن أيِّ ضغوطٍ او تدخلاتٍ سياسية. وأن يصدرَ أحكامَه باسمِ الشعبِ اللبناني ولمصلحتِه لا سيما إحقاقُ العدالةِ، والاقتصاصُ من كلِّ المسؤولينَ عنِ انهيارِ مؤسساتِ الدولة وبوجهِ كلِّ المرتكبين والمتورطين الذين أودوا بالبلدِ إلى ما هو عليه، لا سيما المتورطين في تفجير 4 آب.
- تكريسُ دورِ لبنانَ كعضوٍ مؤسسٍ وفاعلٍ في كلٍّ من منظمةِ الأممِ المتحدة وجامعةِ الدولِ العربية، والتزامُه بالمواثيقِ وقراراتِ الشرعيةِ الدوليةِ والعربية.
- تطويرُ إداراتِ الدَّولةِ وتفعيلُها، وتطويرُ أنماطِ العملِ فيها لا سيما تمكينُ الاداراتِ الرقابيةِ، كالتفتيشِ المركزي ومجلسِ الخدمةِ المدنيةِ وديوانِ المحاسبة …. منَ القيامِ بالمهامِّ والواجباتِ الموكلةِ إليها.
- تعديلُ النصوصِ الدستوريةِ والقانونيةِ على نحوٍ يُسقطُ الحصاناتِ والسريةَ المصرفيةَ عن كلِّ مَن تعاطى الشأنَ العام، وإخضاعُهم للتدقيقِ المالي الجنائي تمهيداً لجلاءِ أيِّ شبهةِ فسادٍ بحقِّهم واستعادةِ كلِّ الأموالِ المنهوبةِ، ومحاسبةِ كلِّ المرتكبين وفقَ معاييرَ قانونيةٍ وقضائيَّةٍ مُتجردةٍ وعادلة.
- ترسيخُ روحيةِ الانتماءِ الوطني ومفاهيمِ المواطنةِ الحقيقيةِ التي تستطيعُ وحدَها تحقيقَ كلِّ تغييرٍ ديمقراطي مرتجى.
- تعديلُ القانون الانتخابيِ واتخاذُ كلِّ ما يلزم منَ الإجراءاتِ لتمكينِ المواطنينَ منَ المشاركةِ الفاعلةِ في انتخاباتٍ نيابيةٍ حرةٍ ونزيهة باعتبارِها الأداةَ الحقيقيةَ لكلِّ تغييرٍ ديمقراطيٍّ منشود.
- إطلاقُ ورشةٍ لتحديثِ القوانين ولرسمِ سياساتِ الإصلاحاتِ الدستورية، السياسية، القضائية، الاقتصادية، الاجتماعية، المالية، التربوية والبيئية تمهيداً لقيامِ الدولةِ المدنيةِ العصريةِ العادلةِ، ولصوّنِ كرامةِ المواطن وحقِّه في العيشِ الرغيد.
وأخيراً ندعو اللبنانيين ليكونوا شركاءَ في إبقاء شعلةِ ثورة 17 تشرين متقدةً لاستردادِ سيادةِ الوطن وكرامةِ المواطن، وللمبادرةِ بالدفاعِ عن حقوقِهم باعتمادِ كافةِ الوسائلِ السلمية والديمقراطية المتاحة، بما في ذلك التجمعُ في الساحاتِ العامةِ، والتظاهرُ، والإضراب، معَ التأكيدِ على رفضِ التعدّي على الأملاكِ العامةِ والخاصة، والامتناعُ عنِ التطاولِ على القوى العسكريةِ والأمنية المولجةِ بتنفيذِ القوانين والأنظمةِ المرعيةِ الإجراء.